فصل: عزل يزيد بن المهلب وحبسه والولاية على عماله.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.وفاة سليمان وبيعة عمر بن عبد العزيز.

ثم توفي سليمان بدايق من أرض قنسرين من سنة تسعة وتسعين في صفر منها وقد كان في مرضه أراد أن يعهد إلى ولده داود ثم استصغره وقال له كاتبه رجاء بن حيوة ابنك غائب عنك بقسطنطينية ولا يعرف حياته من مو ته فعدل إلى عمر بن عبد العزيز وقال له: إني والله لأعلم أنها تكون فتنة ولا يتركونه أبدا يلي عليهم إلا أن أجعل أحدهم بعده وكان عبد الملك قد جعل ذلك له وكتب بعد البسملة هذا كتاب من عبد الله بن سليمان أمير المؤمنين لعمر بن عبد العزيز: إني قد وليتك الخلافة من بعدي ومن بعدك يزيد بن عبد الملك فاسمعوا له وأطيعوا واتقوا الله ولا تختلفوا فيطمع فيكم ختم الكتاب ثم أمر كعب بن جابر العبسي صاحب الشرطة أن يجمع أهل بيته وأمر رجاء بن حيوة أن يدفع لهم كتابه وقال: أخبرهم أنه كتابي فليبايعوا من وليت فيه فبايعوه رجلا وتفرقوا وأتى عمر إلى رجاء يستعمله ويناشده الله والمودة يستعفي من ذلك فأبى وجاءه هشام أيضا يستعمله ليطلب حقه في الأمر فأبى فانصرف أسفا أن يخرج من بني عبد الملك ثم مات سليمان وجمع رجاء أهل بيته فقرأ عليهم الكتاب فلما ذكر عمر قال هشام: والله لا نبايعه أبدا فقال له رجاء: والله نضرب عنقك فقام أسفا يجر رجليه حتى جاء إلى عمر بن عبد العزيز وقد أجلسه رجاء على المنبر وهو يسترجع لما أخطأه فبايعه واتبعه الباقون ودفن سليمان وصلى عليه عمر بن عبد العزيز والوليد كان غائبا عند موت سليمان ولم يعلم بيعه عمر فعقد لواء ودعا لنفسه وجاء إلى دمشق ثم بلغه عهد سليمان فجاء إلى عمر واعتذر إليه وقال: بلغني أن سليمان لم يعهد فخفت على الأموال أن تنهب فقال: عمر لو قمت بالأمر لقعدت في بيتي ولم أنازعك فقال عبد العزيز: والله لا أحب لهذا الأمر غيرك وأول ما بدأ به عمر لما استقرت البيعة له أنه رد ما كان لفاطمة بنت عبد الملك زوجته من المال والحلى والجواهر إلى بيت المال وقال: لا أجتمع أنا وأنت وهو في بيت واحد فردته جميعه ولما ولاى أخوها يزيد من بعد رده عليها فأبت وقالت: ما كنت أعطيه ميتا ففرقه يزيد على أهله وكان بنو أمية يسبون عليا فكتب عمر إلى الآفاق بترك ذلك وكتب إلى مسملة وهو بأرض الروم بالقفول بالمسلمين.

.عزل يزيد بن المهلب وحبسه والولاية على عماله.

ولما استقرت البيعة لعمر كتب في سنة مائة إلى يزيد بن المهلب أن يستخلفه على عماله ويقدم فاستخلف مخلدا ابنه وقدم من خراسان وقد كان عمر ولى على البصرة عدي ابن أرطاة الفراري وعلى الكوفة عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وضم إليه أبا الزناذ فكتب إلى عدي بن أرطاة موسى أن يقبض على يزيد بن المهلب ويبعثه مقيذا فلمنا نزل يزيد واسط وركب السفن يريد البصرة بعث علي بن أرطاة موسى بن الرحيبة الحميري فلقيه في نهر معقل عند الجسر فقيده وبعث به إلى عمر وكان عمر يبغضه ويقول إنا مراء وأهل بيته جبابرة فلما طالبه بالأموال التي كتب بها إلى سليمان من خمس جرجان قال: إنما كتبت لأسمع الناس وعلمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بذلك فقال له عمر: إتق الله وهذه حقوق المسلمين لا يسعني تركها ثم حبسه بحصن حلب وبعث الجاح بن عبد الله الحكمي واليا على خراسان مكانه وانصرف يزيد بن يزيد فقدم على عمر واستعطفه لأبيه وقال له: يا أمير المؤمنين إن كانت له بينة فخذ بها وإلا فاستحلفه وإلا فصالحه أو فصالحني على ما تسأل فأبى عمر من ذلك وشكر من مخلد ما فعل ثم ألبس يزيد جبة صوف وحمله على جمل وسيره إلى دهلك ومر يزيد على الناس وهو ينادي بعشيرة بالنكير لما فعل به فدخل سلامة بن نعيم الخولاني على عمر وقال: أردد يزيد إلى محبسه لئلا ينزعه قومه فإنهم قد غضبوا فرده إلى أن كان من أمر فزارة ما يذكر.

.ولاية عبد الرحمن بن نعيم القشيرى على خراسان.

ولما عزل يزيد عن خراسان وكان عامل جرجان جهم بن ذخر الجعفي فأرسل عامل العراق على جرجان عاملا مكانه فحبسه جهم وقيده فما جاء الجراح إلى خراسان أطلق أهل جرجان عاملهم ونكر الجاح على جهم ما فعل وقال: لولا قابتك مني ما سوغتك هذا! يعني أن جهما وجعفا معا إبنا سعد العشيرة ثم بعث في الغزو وأوفد على عمر وفدا فكلم فيه بعضهم عمر بأنه يعري الموالي بلا عطاء ولا رزق ويؤاخذ من أسلم من أهل الذمة بالخراج ثم عرض بأنه سيف من سيوف الجراح قد علم بالظلم والعدوان فكتب عمر إلى الجراح انظر من صلى قبلك فخل عنه الجزية فسارع الناس إلى الإسلام فرارا من الجزية فامتحنهم بالختان وكتب إلى عمر بذلك فكتب عليه عمران! الله بعث محمدا داعيا ولم يبعثه خاتنا واستقدم الجراح وقال: إحمل معك أبا مخلد واستخلف على حرب خراسان عبد الرحمن ابن نعيم القشيري ولما قدم على عمر قال: متى خرجت؟ قال: في شهر رمضان قال: صدق من وصفك بالجفاء ألا أقمت حتى تفطر ثم تسافر ثم سأل عمر أبا مخلد عن عبد الرحمن بن عبد الله فقال يكافيء الأكفاء ويعادي الأعداء ويقدم إن وجد ما يساعده قال: فعبد الرحمن بن نعيم؟ قال: يحب العافية وتأتيه! قال: هو أحب إلي فولاه الصلاة والحرب وولى عبد الرحمن القشيرى الخراج فلم يزل عبد الرحمن بن نعيم على خراسان حتى قتل يزيد بن المهلب وولي مسلمة فكانت ولايته أكثر من سنة ونصف وظهر من أيام الجاح بخراسان دعاة بني العباس فيمن بعثه محمد بن علي بن عبد الله بن العباس إلى الآفاق حسبما يذكر في أخبار الدولة العباسية.